الأطباء هم أكثر الناس إستماعا لأصوت مرضاهم. يضعون السماعة على صدر
المريض ليسمعوا صوت قلبه. ويضعون مقياس ضغط الدم على ذراعه لينصتوا لدمه. ويضعونه
على الميزان ليتنصتوا على وزنه. ويضعون مقياس الحرارة في فمه ليجسوا صوت حرارة
جسده. ومن كل هذا الإستماع يخرجون بتشخيص لحالة المريض أو يرسلونه لمستمعين أخرين،
يسمعون صوته بوسائل ليست في يد الطبيب حاليا وإنما في أيدي قومٍ أخرين في ذلك
المستشفى.
أما الشركات الناجحة فتستمع لعميلها بطرق أخرى وتخرج بتشخيص لرغباته
وحاجاته وطموحه وأحلامه، ومن ثم ينتجون بضاعة مسجاة له تمير و بترحيب بالغ حاجاته
ورغباته وبالكيل الذي يريد. منها شركات المقاهي الكبرى التي سمعت صدى صوت العميل
الذي يطلب فنجان قهوة بالمواصفات والمقاييس التي ترجمتها هذه الشركات لمنتجات تلقى
نجاحا باهرا و رواجا عالميا.
صوت العميل ليس بدعا في المصلحات. بل هو أسلوب تشخيص توصف به ردود
العملاء عن تجاربهم، توقعاتهم، ورغباتهم وآمالهم. ومن ثم تحول هذه الخيالات لبضائع
جذابة و أخاذة تلبي لهم طموحاتهم. كما أنه منصة متعددة المصادر وذات بصيرة عميقة
تركز على إحتياجات العملاء وتوقعاتهم وتودي بالشركة لأحضان التحسين المستمر لمنتجاتها
أو خدماتها.
قد يسأل أحد، ما الداعي للإستماع لصوت هذا العميل. الإجابة: لن تتمكن
أي شركة مهما تعاظم أو تضائل حجمها, من أن تكون رائدةً في مجالها، إن لم تستمع لصوت
العميل بل تنصت لصداه، وتجس حتى صمته.
الجودة التي تستمد من رغبة
العميل هي المفتاح الاساسي لنجاح الشركات. نظام الإستماع هذا سيربط الشركة والعميل
وسيجعل الشركة على تواصل دائم مع العميل وستتمكن من معرفة نقاط مفتاحية عن حياة
العميل. تلك النقاط سوف تسمح لشركة من تعديل منتجاتها وخدماتها وإضافاتها ومواصفاتها
لكي تلبي وبترحيب حار رغبات العملاء و حاجاتهم.
مما سيؤدي لرفع أرباح الشركة،
معرفة الأولويات المطلوبة والمرغوبة، والتماس وتحليل طرق جيدة، أفكار طازجة، و حلول
قد خرجت لتوها من سجل الإستماع. والتي من شأنها جذب المزيد من العملاء. وتحقيق
المزيد من الإيرادات والمزيد من الأرباح والمزيد من النجاح والتفوق في مجالها.
إذن العميل يستحق منا أن نستمع لصدى صوته والإنصات لصمته و في الوقت
الحقيقي. فاستمعوا لهم وأنصتوا وتصرفوا معهم على أساس أنهم الأولوية الأولى وقبل
كل شيء. فهم الذين يدفعون لكم أجوركم.
يحتاج بناء نظام الإستماع الفعال لصوت العميل مجموعة من المتطلبات
وأهم هذه المتطلبات:
1-يسمع صوت العميل بشكل واضح عندما يكون على شكل إستماع متواصل وحوار غير
مقطوع.
2-المفتاح الأساسي لتصميم هذا النظام هو أن تجمع كل المعلومات التي من
شأنها الإسهام بإنجاحه وتوضيح نتائجه.
3-إستخدام نقاط التماس مع العميل في جميع أرجاء الشركة بما فيها إدارات
الدعم والمساندة.
هنالك أربعة مفاتيح لا بد من إعتبارها عند تصميم نظام صوت العميل:
الإلتقاط: لا بد من تحديد النقاط التي يمكن الإستماع منها لأصواهم. وأفضل الوسائل
للقيام بذلك هو إستخدام الإستطلاعات وهي أكثر الطرق سهولة وشيوعا. وخير
الإستطلاعات هي التي تتم وجها لوجه. فهنالك أصوات تسمع وأصوات ترى وأصوات تُمس.
التحليل: بعد إلتقاط صورة لصوت العميل وصدى لصوته. يمكن تحليل هذه التغذية
الراجعة في الوقت الحقيقي. وإنه من المهم أن يتم توصيل هذه التغذية وهذه الرؤية
وبشكل واضح و ممكن التنفيذ لكل من له مصلحة في رضا العميل وخاصة الرؤساء المباشرين.
الفعل: نظام صوت العميل يضعك في موضع أفضل لرؤية الرؤية وفي الوقت الحقيقي.
ستعرف مكامن المشاكل وتعمل مع فريقك على حلها عن طريق إجراء تصحيحي يتطابق مع صوت
العميل تماما.
الرصد: المتابعة المتواصلة المتواترة تساعدك على تتبع نتائج ما قمت به من
فعل عبر مرور الوقت. سيكون لديك قدرة لتنصت لنبض العميل وسوف تكتشف أنماط جديدة في
تفضيلاته تكون عونا لك في عمليات تحسين الخدمة المقدمة لهذا العميل في مستقبل
الأيام.
لا يفوتنا أن نقول أن العميل ليس العميل الخارجي وحده، بل معه عملاء
أخرون، كلهم يعملون على خدمته. لكنهم لن يتمكنوا من خدمته إن لم تنصت لأصواتهم. لابد
أن تنصت لموظفيك، وتستمع للإدارات الأخرى، وتلقي بالا لما يقول زميلك وتستمع
لمديرك بإنصات وإنتباه. فإن ذلك من شأنه أن يرضي عميلك الأساسي والأول والأولى
والذي قد تكون خدمتك التي تقدمها له حاسمة، بل قد تكون مسألة حياة أو موت في بعض
الأحيان.
ضيف الله الخالدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق