إذا ما دخل عليك أحد السائقين بسيارته آخذا مسارك ومبطىءً عن سرعتك، متصرفا بطريقة معطلة لك، وبإستعلاء متجبر، فهل يخرج دخان من رأسك ويستشيط الدم في عروقك ويكاد يفجرها من شدة غليانه. أو حينما تعطي أحد موظفيك تعليمات واضحة، جلية، بسيطة، ثم لا يلبث قليلا إلا وقد أنجزها وأجهز عليها بطريقة خرقاء، بلهاء وغبية، فهل ينفجر صراخ حنجرتك ساحقا كل ما كان أمامك من حجر وشجر وبشر. إذن أنت إنسان عادي يغضب لمثل هذه الأسباب التي يعتبرها خبراء إدارة الغضب مسألة بسيطة جدا ولا تستحق كل هذه الجلبة.
يعتبر خبراء إدراة الغضب مسألة الغضب حالة طبيعية بل يرونها صحية ويمكن توظيفها توظيفا نافعا في كل المجالات ومنها وأهمها بناء العلاقات الإيجابية. لكن الغضب الخارج عن سيطرة الذات يؤثر سلبا على الذات وعلى الصحة وعلى علاقات الإنسان. بل يصبح أداة هدم وتخريب وتجفيف. لكن الخبراء يبشرون بأنه يمكن لذات أن تضع الغضب تحت سيطرتها وفي خدمة ملكياتها. وينصحون ببعض مايلي من نصائح:
لا تفتح فمك للكلام قبل تمحيصه:
عندما يجبرك خضم اللحظة على قول شيء ما، فلا تفتح فمك لأي كلمة. إنتظر وقل الكلام في صدرك، ثم أعده مرة أخرى حتى تتأكد من خلوه من جميع الكلمات النابية والألفاظ الخشنة والجمل المحرجة، سواء لك أو لطرف الأخر. لا تنسى أنه أحيانا تكون الكلمة لينة ولكن نبرة الصوت وحركة الرأس وكلام الجسد ما يجعلها تقشعر لها الأبدان من الحنق .لا بأس أن تسمي الله في سرك قبل أن تجيب، فاسم الله يطرد مافي فمك من سلبية. ثم خذ بعض اللحظات لتحضير ما ستقول، نظفه من أي شيء لا يطابق رغبتك بإنجاز حوار بناء. كما يجب عليك أن تعطي الأخرين فرصة القيام بنفس الشيء ولا تحثهم على الرد قبل أن يفحصوا ما سيقولون.
حالما يسكت عنك الغضب، قل ما يغضبك:
لا تخسر أحدا. عندما يغادرك الروع يمكنك التعبير عن إنتعاضك وإحباطك بشكل حازم ودون الهجوم على الأخر وأخذه بلحيته ورأسه. لا تحاول أن تتحكم بالأخرين حتى وإن كانوا أقل منك رتبة. كل ما عليك التعبير وبشكل واضح عن ما يقلقك وكفى الله المؤمنين شر القتال.
الحلول الوسطى عادلة:
لا بد للإنسان من العمل على إيجاد حل للمشاكل التي يواجهها بدلا من التركيز على الأشياء التي تجعله غاضبا. هل تغضب عندما يسقط أحد عليك وأنت تقود سيارتك عائدا للبيت و خارجا من العمل. لماذا لا تأخذ قسطا من الراحة وتأخذ كوبا من الشاي ريثما يهدأ الإختناق ولا يطر أحد أن يدخل أمامك في الزحام.
هل يغضبك موظفك عندما يتأخر ويدعي أنه كان عالقا في الزحام ولم يتمكن من طريقه إليك إلا بشق الأنفس. لماذا لا تقترح عليه أن يأتي مبكرا وتتطوع بالإتصال عليه كل صباح من أجل إيقاظه للعمل، مما سيجعله محرجا أمامك ومما سيمكنك من الإتيان به للعمل قبيل البداية بدقائق. دائما ذكر ذاتك بأن الغضب لا يملك أي حل لأي مشكلة وإنما الحلول مصدرها العقل إن تمكن من قيادة صاحبه. وذكرها أن الغضب دائما ما يجعلك أنت المهزوم, وأنت من يجب عليه إصلاح الأظرار التي تسبب بها غضبك.
ركز على أنا ودعك من أنت:
دائما ما يلقي الإنسان اللوم على أحد أخر أو شيء ما عندما يخفق في تحقيق هدف. عندما يتأخر في الإنجاز قد يقول، لست أنا السبب بل هذه الطابعة التي لا تعمل أبدا. وربما يفقد الكرة ولا يحرز بها هدفا، فيصيح حانقا، أنت الذي لم ترفعا لي بشكل جيد، مما جعلني إضيع هدفا حاسما.
لتجنب المشاحنة وإنتقاد الأخرين، ما ذا عليك إن قلت أنا الذي واشرح المشكلة بكل أبعادها. كن محددا ومحترما وحريصا على مشاعر الجميع. ولا تقل أبد أنت بل قل:"إني مستاء لترك تلك المعاملة غير منجزة كل ذلك الوقت ودون أن يعلمني أحد بذلك". بدلا من أن تقول:"لا يوجد أحد يعتمد عليه، علي أن أقوم بعمل كل صغيرة وكبيرة وكل تافهة و حقيرة بنفسي. لم أعطى موظفين أقويا، وإنما أعطيت بلهاء ليس فيهم إلا المنخنقة والنطيحة وما أكل السبع وما أهل به لغير الله. يال سوء حظي ويالي أنا".
لا تحمل الضغينة:
لم يجعل الله اللين في شيء إلا كان أكثر لينا وزينا. فلماذا لا تكون لين الجانب. إذا ما تركت الغضب والمشاعر السلبية تتسلل لوذا خلف قلبك لتزاحم مشاعرك الإيجابية وجماليات تفكريك وتأخذ مكانها وتجعلها سائبة في صحراء ذاتك، ستجعلك تتجرع مرارة فقدان أهم ملكياتك.
ماذا عليك لو كنت متسامحا، حازما. فإنه لا يوجد أحد على وجه هذه المبسوطة يمكن له أن يتصرف كما تتصرف حكمتك ولا يوجد أحد يملك موهبتك. إننا بشر، نخطىء ونصيب. نظحك ونبكي. نرتاح ونتألم كثيرا من أمثالك الذين دائما يصبون جام غضبهم علينا، ليس لشيء، بل مجرد إرضاء لنزوات غضبك الذي لم تشد وثاقه ولم تلجم جماحة.
تعلم إدارة موارد ملكيات ذاتك
لا بد بأنك تعلم الآن أن للإنسان ذات، تمتلك أربع ملكيات، ليس لها عليهن سلطان إلا أن تنسق فيما بينهن ليستخدم هذه لحل مشكلة تلك وهن: الجسد، العقل، النفس والروح. لكل واحدة من هذه الملكيات حاجات لا بد أن تقضى.
أما حاجة الجسد فهي بعض الطعام والشراب من أجل المحافظة على تدفق الطاقة اللازمة لكبح جماح الغضب.
وأما الروح فهي بحاجة لبضع سجدات بين الحين والأخر، فاجعل الجسد يسجد لله سبحانه وتعالى واشحن ذاتك بتلك الصلاة وسيرتاح قلبك وسيصمت الغضب.
وأما العقل فحاجة هي المعرفة، المعلومات، المهارات، الإمكانات الفكرية بكل أشكالها فهي تغذي العقل فيزداد رصيدك من الحلول، حتى تصبح مسلحا بكل أنواع الدروع التي تواجه بها المشاكل وتصرعها دائما ويموت الغضب.
أما النفس فحاجتها هي المحافظة على طاقتها، وذلك بالسمو بها عن ما حرم الله و إبعاد كل حواس الجسد عن ما حرم الله. فلا تلمس إلا حلالا. ولا تسمع إلا حلالا. ولا تبصر إلا حلالا. ولا تضع في فمك إلا حلالا. ولا يقرب أنفك إلا حلالا. فإن أتقنت ذلك فقد سلمت على طاقة نفسك وانصرف عن الغضب وحفظت طاقت نفسك التي ليست كغيرها من الملكيات يمكن تجديد طاقتها، بل إن هي نضبت طاقتها لا تعود أبدا.
ضيف الله الخالدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق