إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

المتفائل واليأس

محمد صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل و يكره الطيرة. والتفائل هو انشراح قلب الإنسان وإحسانه الظن وتوقع الخير بما يسمعه من خير. أما الطيرة فهي التشائم وهو شعور بالقنوط. يقول صلى الله عليه وسلم على لسان ربه عز وجل:"أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله". المتفائل مؤمن بقول الله تعالى:}فإن مع العسر يعسرا إن مع العسر يسرا{، المتفائل دائما وأبدا معتمدا على الله ومتوكل عليه وواثق برحمته. المؤمن لا يهزم أبدا، مهما كانت الظروف سيجعل الله له مخرجا. ومهما حلك الظلام سيقيض الله له ملجئً يحتويه.

التفاؤل بالمفهوم البنائي عبارة عن ميل ونزوع لنظر إلى الجانب الأحسن في الأحوال والأحداث، وتوقع النتائج الفضلى. وهو أيضا عبارة عن وجهة نظر للحياة تجعل الفرد ينظر للعالم على أنه إيجابي، ويبقى في حالتة إيجابية. المتفائلون يعتقدون أن كل شيء يؤل للأفضل.

يقول جفرسون جراهام في كتابة الحياة لعبة علاقات:"انظر إلى كل شيء يحدث في حياتك كفرصة. ففي حياتك العملية، والعامة أيضا، يمكن تحويل كل شيء إلى فرصة للتقدم والنجاح. وإذا نظرت إلى كل شيء في الحياة على أنه يحدث لسبب مفيد، سوف تجده كذلك بالفعل".

أما المتشائمين فيرون الظلام في النور والنقص في الكمال و الليل في النهار. المتشائمين لديهم طريقة تفكير ظلامية فهم ينظرون للأحداث المؤلمة على أنها دائمة دوام سرمدي لا ينقطع. يقول العلماء: المتشائم إنسان أناني لا يهتم إلا لنفسه. الغريب في الأمر أنهم يرون الأحداث السارة على أنها مؤقته سرعان ما تأفل وينظرون لنجاحات على أنها نتيجة لأسباب خارجية. دائما ما يفسرون نجاح الأخرين على أنه ليس طبيعيا. قد تسمع أحدهم عندما يحصل أحد زملاءه على وظيفة مرموقه يقول:" إنها الواسطة، أما هو فلا يجيد قيادة أربعٍ من الماعز".

لتشائم أسباب وهي معروفة من قبل الأطباء والمعالجين ومنها:

1- الإنتقادات والتهكم والإستهزاء المتعمد وبالذات عندما يكون من الأقارب، يكون أشد مضاضة من التشائم نفسه.

2- ضعف الثقة بالنفس الذي يقود للإنسياق خلف المؤثرات والإنفعالات والعواطف والإسترسال دونما رؤية أو بصيرة.

3-التركيز على الضعف وتضخيمه حتى يصبح المدمر الأول.

4- إنتفاء الرغبة في الإندماج المجتمعي والخلود إلى الإنطوائية.

5- تجاهل مواطن القوة وعدم العمل عليها.

6- عدم الصبر على النقد البناء.

7-الفراغ القاتل.

8- إعطاء المواقف أكبر من طبيعتها وعدم التفاهم بعقلانية وهدوء.

9- مرافقة السلبيين ومشاركتهم أفكارهم ونظرتهم للحياة والتوافق معهم.

10- إزدحام الذهنية بالكثير من القلق والتردد والسلبية.


التفائل دواء كل داء. والسلام الداخلي لذة سببها سلام مع الذات وللذات. حَمْدُ الله على ما وهب بركة لما لديك ولديك الكثير لتستثمره وتنتج من وراءه نجاحا ينير لك مستقبلك ويضيء لك حياتك. كل إنسان لديه ذات إذا ما حافظ على مستوى الطاقة في ملكياتها، يصبح في وضع ليس للكئابة والتشائم والسلبية مكان معه. الصلاة على وقتها، قراءة كل مفيد، الطعام الحلال الطبيب، والسمو بالنفس عما حرم الله من شأنها أن تقي حظك عثرات الطريق وتصعد بك إلى قمم المجد ومعالي السؤدد وأعالي النجاح.

ضيف الله الخالدي

الاثنين، 24 أغسطس 2015

مدرسة

قال ديفيد شوردن في كتابه مفاتيح التغيير المؤسسي"يحكى أن حاكما أمر ببناء مدرسة. وفي جولة ميدانية تفقدية وجد العمال منهمكين في البناء، فسال أحدهم: ماذا تفعل فقال العامل: أرص هذه الأحجار فوق بعضها. ثم سأل أخر نفس السؤال فأجاب:إني أبني حائطا. فذهب لثالث فقال: إنني أبني مدرسة. أعجب الحاكم بجوابه فعينة المشرف العام على بناء المدراس. وذلك لما يتمتع به هذا العامل من نظرة ثاقبة ورؤية واضحة عن الهدف المستقبلي لهذا المشروع. أما زميلاه الأولان فبقيا في منصبيهما لما يتمتعان به من حصر رؤيتهما في المهمة الآنية الألية".

الرؤية هي القدرة على إبصار المؤسسة بعد خمس، عشر،عشرين سنة. والقدرة على بناء إحكامية موصلة لتك النتيجة. عندما بدأت شركة أرامكو العمل في بلادي أنشأت إحكامية لمشاركة المجتمع والمسؤلية عن بناءه وتدريبه وإعطاءه مقود الشركة وبوصلتها. تمكنت شركة أرامكو من سعودة الغالبية العظمى من الوظائف. وحولت رعاة الإبل إلى مدراء وخبراء يعملون في أرامكو يقودونها بمقودها وبإستخدام بوصلتها وما زالوا يفعلون.
لو تمكن أحد من سؤال قدامى موظفي أرامكو: كيف تمكنتم من إحلال الموظف المحلي بديلا للأجنبي وبهذا النجاح. لأجاب: إنها الإحكامية المتقنة والمبنية على رؤية واضحة جلية.

الرؤية والإحكامية ضرورتان لبناء المستقبل الآن، وحصد نتائجه غدا. الإحكامية يجب أن تؤمن بالتغيير وتتبناه. لإن عدم التغيير والتغير يفضي إلى التجمد والتخشب والتصلد. والذي ينهي مستقبل المؤسسة والفرد عند بادرة أول حاجة للتغيير. التغيير هو إحكامية بحد ذاته.

الرؤية الواضحة المبنية على معطايات حالية حقيقية من شأنها بناء إحكامية كاملة مكونة من خطط لكل شيء. والتخطيط لكل شيء يحتاج عقليات مرنة، تتعلم من أخطاءها ومن إتقانها في ذات الوقت.

الخلاصة هي أن المشرف أو الإداري يجب أن يتبنى التغيير كسياسة ممارسة. ويجب أن يمتلك تصور مستقبلي مبني على رؤية المنشأة لذاتها في المستقبل. يجب أن يكون المشرف أو الإداري مدرسة للممارسة التغيير. والتصور المستقبلي. ويجب أن يكون فعالا ومشاركا في ريادة وقيادة التغيير في وحدته، إدارته، والمنشأة التي يعمل بها.

ضيف الله الخالدي

الأحد، 23 أغسطس 2015

إنه مجرد إقتراح

 عندما يعطى الموظف فرصة لتعبير عن رأيه، ويشارك في إتخاذ القرار، سيشعر بالتمكين وسيكون جاهزا ومستعدا وراغبا في تحمل المسؤلية. والسماح للموظف بطرح رأيه أو إقتراحه بشأن مسألة بعينها ليس كافيا. لكي تكون المسألة فعالة يجب أن يؤخذ اقتراح الموظف على محمل الجد و يعامل الموظف واقتراحه بإحترام بالغ.

يشعر الموظف بالفخر والحماسة في منشأة تحترم رأية و يحترم بها إقتراحاته وينظر له على أقل تقدير. ويشعر بالإنتماء عندما يتاح له فرصة في إتخاذ القرار. مما يزيد من دوافع العمل المتقن في ذاته وتجعله يعمل بجدية أكثر ورغبة أعلى وسيناضل من أجل نجاح المنشأة التي يعمل بها. لكن، عندما يقتل الإقتراح في مهده ودون أن يلتفت له أحد، لن يموت الإقتراح وحده، بل سينحر معه كل الإقتراحات التي لا زالت في ذهن الموظف، و سيفنى معه كل دافع للإقتراح.

يشعر بعض المدراء أن الأخذ بإقتراح الموظف من شأنه أن يأكل سلطتهم الإدارية أو يضعفها. حينما يسمع إقتراحا من أحد موظفيه يبدأ التردد في الظهور على وجهه وسرعان ما يشعر بأنه قد فقد الإحترام من قبل موظفه.

 لكن الواقع غير ذلك، المدير الذي يبقي بابه وقلبه وذهنه مفتوح ويستمع بعناية لموظفيه ويحترم إقتراحاتهم ويرحب بكل فكرة جديدة، حتما سيحضى بإحترام كبير من موظفيه وسينظرون له على أنه القائد المثالي. وسيكون ولاءهم لذلك المدير الذي يستخدم اقتراحاتهم البناءة ويستفيد منها لرفع مستوى جودة العمل. يقدر الموظفون المدير الذي يستقبل إقتراحاتهم بصدر رحب، وبالذات عندما يشكر المدير الموظف على إقتراحه و يعده بأن اقتراحه سيدرس وقد يأخذ بعين الإعتبار.

في أغلب المنظمات الناجحة، لا تضع الإدارات سياسة للإقتراحات. يقولون إن عدم وضعها سيجعل الموضوع مفتوح على مصراعيه للجميع ولكل المواضيع. لكن عدم وضع مثل تلك السياسة من شأنه أن يجعل المسألة مجرد تشجيع على رعونة الإقتراحات وتفاهتها وعبثيتها. يجب أن يعرف الموظف ما يجوز التحدث به وما لا يجوز أن يأتي حتى على ذكره. دعم الموظف بتلك السياسة من شأنه أن يجعل الموظف إنتقايا لأفكاره و اقتراحاته، بينما تركه بدون تلك السياسة لن يمنعه من الإقتراح.

عندما يعلم الموظف بأنك مرحبا بالإقتراحات ومحترما لها، سيقترحون. لكن عندما لا يجدون اذان صاغية منك، لن يقترحوا أبدا. سيستمرون بالعمل اليومي المعتاد. سيحضرون بأجسادهم ويدعون عقولهم في أماكن أخرى غير مكان العمل. لن يهتموا أبدا لمسألة التحسين المستمر، بل بالكاد سيقومون بالمطلوب على الوجه الأكمل دون أية زيادة. وسيضربون الباب عند أول ثانية من إنتهاء وقت الدوام.

إياك أن توصد الباب في وجهه الموظفين. وليكن باب قلبك ومكتبك وذهنك مفتوحا دائما أمام الموظفين. أنصت وبأذنٍ صاغيةٍ لأصواتهم. اعتبر اقتراحاتهم واحترمها وخذها على محمل الجد. وذلك لأنهم الأقرب لعملية الإنتاج. وتذكر دائما أن كبار الإداريين يحتفظون بالحكمة في مكتباتهم, وصغار الموظفين هم الذين يقطفونها من أشجارها ويأتون بها طازجة لمشرفيهم.
فإن لم تفعل، تأكد تمام التأكيد بأنهم سيضربون عنك صفحا ولن يعودوا لك أبدا وأنن الخاسر دائما.

ضيف الله الخالدي

السبت، 22 أغسطس 2015

الذكاء العاطفي و بيئة العمل

لاحظ الإنسان منذ وقت مبكر أن النجاح في الحياة لا يتوقف على ذكاءه العقلي، بل يحتاج إلى كثير من المهارات ربما لا تتوافر للأذكياء، تعرف هذه المهارة بالذكاء العاطفي. الذكاء العاطفي هو القدرة على التأثير في ملكيات الذات ومشاعر الأخرين. يشكل الذكاء العاطفي أحد المتغيرات الهامة والتي ظهرت كمواصفة جوهرية للقيادة الإدارية الفعالة.

ترتبط قدرة المدير على البقاء بالتفوق والكفاءة وقدرته على تحفيز موظفيه وبث روح التعاون، المشاركة، الإبداع، الإتقان والمبادرة. كما تعتمد قدرة المدير على البقاء على قدرته على غرس القيم وروح الولاء في موظفيه له وللمنشأة التي يعمل بها مع موظفيه. زرع ثقة الموظفين في أنفسهم ، وزرع المعلومات في عقولهم والإيمان في قلوبهم هي أحد منتجات الذكاء العاطفي. التي دائما ما تؤتي أكلها أضعافا مضاعفة والله يضاعف لمن يشاء.

يمكن معرفة المدير الذكي عاطفيا من خلال التعرف على قدرته على ربط المشاعر بالقيادة. الذكاء العاطفي يمكن وصفه بأنه مجموعة من القدرات الخاصة وذات العلاقة بكيفية تعامل المدير مع ذاته ومشاعره وعواطفه وقدرة المدير على ادارة مشاعر وعواطف الآخرين.

المدير الذي يتمتع بذكاء عاطفي يكون أكثر ولاء والتزام للمنظمة التي يعمل بها وللموظفين الذين يعملون معه. كما أنه صانع للبهجة والثقة والتعاون مع رؤساءه وموظفيه. يقول جاكسون ولشا:"الذكاء العاطفي يمثل ما نسبته 85% من أسباب الأداء المرتفع للمدراء، ويمثل نفس النسبة للأداء المؤسسي، وأضاف أن استخدام الذكاء العاطفي من شأنه مضاعفة إنتاجية الموظفين".

الذكاء العاطفي مكون من المكونات التالية:
1.       الوعي:
·         الوعي بالذات: ويتمثل في فهم الذات و محفزاتها وتأثير الأخرين عليها.
·         الوعي بالمحيط: وتتمثل في فهم مشاعر الآخرين ومعاملتهم وفقا لعواطفهم والإستفادة منهم وفقا لذلك.
2.       الفعالية:
·         المهارات المجتمعية: وأهما على الإطلاق مهارة بناء وصيانة وادارة العلاقات بشكل فعال. ومنها أيضا مهارة بناء الفرق وقيادة التغيير والمقدرة على الإقناع وإنجاز المهام الخاصة.
·         إدارة الذات: وهي عبارة عن التنسيق فيما بين ملكيات الذات وهي الروح والعقل والجسد والنفس وقيادتها قيادة فعاله تجنب الحظ السقوط في براثن الحمق والتسبهل.
يقول جولمان في كتابة العمل مع الذكاء العاطفي:"إنخفاض الذكاء العاطفي يسبب الشعور السلبي والأفكار السلبية والعمل بطريقة عدوانية، وذلك يؤدي إلى إستنزاف طاقة الذات، إنخفاض الروح المعنوية، الغياب عن العمل وهي أحد ظواهر نضوب الذات وإنعدام الذكاء العاطفي".

الذكاء العاطفي لا يأتي لوحدة. يحتاج الذكاء العاطفي لبناء بينة تحتية له ليتمكن الفرد من زراعته في ذاته. يحتاج لقلب خالي من الحسد. يحتاج لنفس سامية عن ما حرم الله. يحتاج لعقل وافر ومتمكن. لكي تكون ذكيا عاطفيا لا بد لك من ترويض نفسك وإجبارها على الرضا لما قسم الله لك ولتجنب النظر في ما أيدي الناس. تحتاج لروح مطمئنة بذكر الله والصلاة والطاعات. تحتاج لعقل مدبر ومفكر ومتفكر في خليقة الله. وتحتاج لجسد نشيط قد غسل عنه وعثاء الكسل.وتذكر أن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم والتمكين بالتمكن. فاصبر وصابر وثابر حتى يأتي الله بأمره.

ضيف الله الخالدي

الجمعة، 21 أغسطس 2015

تقطيع الأهداف

لعله من المفيد أن ترمي هدفاً عظيماً أمامك وتسعى لتحقيقة. لكنك حينما تنظر نحوه محدقاً، سيبدوا لك أنه قد تلاشى في ضبابٍ من بعد المنال.
لذلك لا بد لك من تقطيع هذا الهدف لأهدافٍ صغيرةٍ أو متناهيةٍ في الصغر والعمل عليها واحداً تلو الأخر حتى تحقق الهدف الأسمى والأبعد.
 بأحد الأساليب التالية: -“Goal slicing”-يمكن تقطيع الأهداف
1.       التقطيع الزمني:يقطع الهدف لمراحل زمنية ويتم إنهاء كل مرحلة على حدا ومن ثم يتم الإنتقال للمرحلة الأخرى.يتضح ذلك من تقسيم هدف إكمال التعليم إلى مراحل دراسية والمرحلة الدراسية تقسم إلى فصول دراسية.

2.       التقطيع الكمي:يقطع الهدف لكميات يمكن لفرد التعامل معها كأن يقوم عامل استقبال البضائع بادخال شحنة من البضائع الى المخزن على دفعات حتى يأتي عليها بالكامل.

3.       التقطيع المساحي/المسافي:يقطع الهدف لمساحاتٍ متساوية ويتم تغطية كل مساحة على حدا ويتضح ذلك عند تنظيف الأرضيات، فلو نظر لها كمساحةٍ كاملةٍ لكانت بعيدة الشقة.أما في السفر براً فسينقطع السراب من دون الأفق، لذلك لا بد من تقطيع المسافة لمسافات أصغر حتى يرحل الملل عن المسافر.

4.       التقطيع البنائي: عند القيام ببناء عمارة مثلا لا بد من تقطيع المشروع لمراحل ولكل مرحلة علامة إنجاز فعندما تنجز مرحلة يتم الإنتقال للتي تليها وهكذا حتى ينتهي المشروع.

5.       التقطيع الإحكامي حيث تقطع المؤسسة الأهداف على عددة سنوات قد تمتد لأكثر من عشرين عاما. وتقسم لقطع أصغر تسمى الخمسيات وتقطع لقطع أصغر تسمى السنويات وتقطع لقطع أصغر تسمى الإدارات وتقطع لقطع أصغر تسمى الأقسام وتقطع لقطع أصغر تسمى الوحدات وهكذا حتى تحقق الاحكامية.
إذن لابد للأهداف من تقطيع حتى يكون بوسعكم إنهائها أو تكليف موظفيكم بذلك، فقطعوها لأنفسكم وموظفيكم. وإلا فلن تتحقق أبداً.
يقول الحق تبارك وتعالى: -" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا "-
ضيف الله الخالدي

الخميس، 20 أغسطس 2015

الأمية الإدارية والهدم الإداري

عندما ينخفض مستوى الجودة وترتفع كلفة الإنتاج وتقل الكفاءة وتضمحل الفعالية وتكثر الشكاوى ويزداد الغياب ويكثر التذمر، ويرتفع مستوى تسرب الموظفين، فاعرف أنك على مشارف الأمية الادارية وأنها بدأت فعليا بممارسة دورها في الهدم الإداري.

المكون الإداري يتكون من مجموعة كبيرة من المتطلبات التي يجب توفرها، وهي أكثر أهمية من مكونات الإنتاج الفعلية. فمن هذه المكونات: السياسات، الإجراءات، تعريف نطاق العمل، قوائم المهام، الهيكل الإداري وما إلى ذلك من المكونات.

المكون الإداري يتقادم ويتآكل كبقية عناصر الإنتاج. ولا بد أن يجدد دوريا، عادة  لا تتجاوز سنة واحدة. والتجديد يجب أن يكون تجديدا حقيقيا وليس تحريفا، بتغيير تاريخ الموكن أو ترتيب عناصره، بل يجب أن يجدد بالكامل. وذلك لأن الوقت يتقدم، والأشياء المحيطة ببيئة العمل تتغير، فيصبح الجديد قديما، والحديث تراثيا واللحظة ماضيا قد استنزفت واستهلكت. 

أما الأمية الإدارية تحدث لأسباب كثيرة ومنها أن يوظف أحد ما في المجال الإداري وليس لديه أي خلفية عن الإدارة. أو يوظف أحد قد درس الإدارة إضطرارا ولم يعمل على تطوير مهاراته وامكاناته ومعارفه واكتفى بما لديه و حمد الله و سأله أن لا يغير عليه شيئا. أو أن يُغِرْق الإداري نفسه بكثير من العمل يفوق إمكاناته مما يجعله يمضي معظم وقته في أداء مهام كان خيرا له لو أنه فوضها إلى غيره من موظفيه، واستثمر بعض وقته لشحذ منشاره وصيانة ادواته وتجديد معداته الإدارية.

لا بد للإداري أن يكون إدارياً، تعليماً، ثقافةً، توجهاً، موهبةً، قدرةً، امكانية وشغفا ومحبتا تجري في عروقه. لكي ينجح وتنجح ادارته. ولا بأس أن يكون ليس إداريا تعليما، بل ثقافةً، وتوجها وموهبة وحلولا لا حصر لها، جاءت من خبرته وأتت من ممارسته ونتجت عن تجاربه وقراءاته ومتابعاته.

أما أن يضرب صفحا عن القراءة والمتابعة. ويتوقف عن تثقيف نفسه ورفع امكاناته وشحذ منشاره وصيانة ادواته ومعداته الإدارية فإنه سوف يقع لا محالة في الجهل المهني والأمية الإدارية. وإن وقع فيها فقد هدم مهاراته الإدارية وقد قضى على مستقبل إدارته وأنهى مستقبله وأوقف نموه عند هذا الحد وحمد الله وسأله أن يدعه على حاله ولا يغير فيه شيء.

يقول سبحانه و تعالى : {وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [ طـه : 114 ]  و قال تعالى : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ  يَعْلَمُونَ  وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ  إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب}  [ الزمر : 9]  و قال تعالى: { يَرْفَعِ  اللَّهُ الَّذِينَ  آمَنُوا مِنْكُمْ  وَ  الَّذِينَ  أُوتُوا الْعِلْمَ  دَرَجَات} [ المجادلة : 11]

أما نبي الأميين صلى الله عليه وسلم  فقد قال:(( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) وكما يعرف الجميع فلفظة الكل تعني الجميع دون إستثناء أو إعذار فالجميع مطالب بطلبه والبحث عنه والتعب والإرهاق من أجله. أيضا كلمة فريضة وهذا يعني أنها لا تسقط إلا إذا أديت على الوجه الأكمل فصلى الله عليه وسلم لم يقل أن العلم فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن البعض الأخر.

يقول الشاعر: العلم يرفع بيوتا لا عماد لها   والجهل يهدم بيت العز والكرم.
 وكذلك يفعل في الإدارات ذات الفعل فهو الذي يرفعا بلا عمد وهو نقيضه يقضي عليها وإن كانت مهما كانت.


ملاحظة: عندما يقال إداري فهذا يعني كل المستويات في الهرم الإداري.


ضيف الله الخالدي

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

أبعاد التقييم

لا بد لتقييم الموظفين من الإبتعاد عن التعميم، الإعتباطية والعشوائية. لذلك لا بد من تعديد أبعاده. وهذه الأبعاد يجب أن تكون قريبة إلى حد ما من ما يلي:
     قائمة المقيمون: الرئيس المباشر لا يستطيع وحده تقييم موظفه. بل لا بد من إشراك أطراف أخرى في التقييم لتجنب الإعتباطية والتعميم. حيث أنه حينما يراد تقييم مستوى تعاون الموظف مع زملاءه فخير من يقيمه هو زميله. وعند تقييم مستوى استجابته للعملاء فأفضل من يقوم بذلك العميل. أما إذا أريد تقييم حضور الموظف فأحسن من يفعل ذلك الآلة وليس رئيسه المباشر.لذلك يجب توزيع الصفات على أصحاب العلاقات من أجل تقييمها تجنبا للعشوائية والتعميم وإحترازا من الإعتباطي.
التقسيم: في كثير من الأحيان يحتاج لتقسيم الصفة الواحدة على أكثر من مقيم. ومنها حينما يراد تقييم قدرة الموظف على الإتصال فمن الذي يجب أن يقيمه. حتما ليس رئيسه وحده. بالنسبة لتقييم مهارات الإتصال اللفظي فخير من يفعل ذلك العميل. وعند تقييم مهارات القراءة فخير من يفعل ذلك مسؤول التدريب والتعليم. وعند تقييم مهارات الكتابة فأعتقد أن رئيسه أولى بذلك. فالواجب تقسيم الصفة الواحدة إلى صفات فرعية، وإعطاء كل مقيم الصفة التي تخصه ويطلب له تقييمها. وهذا هو تحري الدقة، وتجنب العشوئية، والهروب من الإعتباطية.
قائمة الصفات: إذا كان مظهر الموظف مثلا لا يؤثر على مستوى رضى العميل فيجب إستبعادها من الصفات التي يقيم على أساسها الموظف.وذلك لأن الصفة التي لا تعني العميل تصبح عديمة القيمة واستخدامها في تقييم الموظف هو مضيعة للوقت ليس إلا. وعليه يجب أن تكون جميع الصفات ذات علاقة مباشرة في الإنتاج ورضى العميل. وما عدا ذلك فلا داعي له أصلا.
قائمة المقاييس: الأرقام أفضل ما يمكن أن يقيم به، و لكنها وفي كثير من الأحيان غير مفهومة من قبل المقيمون ولذلك عندما يكون المقيم من خارج الفريق فيجب أن يكون المقياس وصفيا، كأن يقال ممتاز أو جيد ومن ثم عند معالجة البيانات تحول إلى رقمية. أيضا، كلما اتسع مجال تقييم الصفة وازداد عدد المقاييس يصبح التقييم أكثر دقة. كأن تقيم الصفة من صفر إلى عشرة مثلا. أو من ضعيف إلى متميز مرورا بالمقبول والمتوسط والجيد والجيد جدا والممتاز وصولا إلى المتميز. وهذا ما يجعل التقييم دقيقا جدا.
إن الشركات العالمية كانت سباقة لتطبيق هذا النوع من التقاييم لإبتعاده عن الإعتباطية، التعميم و العشوائية. كما أن هذا النوع من التقاييم يعتبر الأكثر عدلا وإنصافا من التقاييم الأخرى المعمول بها اليوم في كثير من المؤسسات الرتيبة الغير معنية في مسألة التطوير والتحسين.
علينا أن نعلم أن الموظف في حالة إنتظار دائم لتقدير، فإن أتى عادلا منحه جرعتا لإنجاز مهام قادمة ربما تكون أكثر أهمية من المهام التي أنجزها في تقييمه الحالي. فإن لم يأتي منصفا وعادلا فقد أضاف الموظف لقائمة الفاشلين الذين قد كلف بناء مهاراتهم الكثير من الوقت والجهد والمال ولم يأتي إعتباطا كما أتى تقييم هذا الموظف.
فمهما كان نوع التقييم الذي سيقيم به الموظف فعلينا تحري الدقة وجمع المعلومات والتأكد لتجنب الظلم الذي يقع على الموظف.و ذلك لأن التقييم نوع من الحكم-"القضاء"- الذي يودي بالذي حكم على الموظف بالفشل في مصير لا يرضاه أحد لنفسه. فاتقو الله الذي  يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، واستبرؤ لدينكم وأعراضكم.

-" وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ "-


ضيف الله الخالدي